القائمة الرئيسية

الصفحات

عش اللحظة فالوقت يمضي

الوقت يمضي



استيقظت صباحاً على صوت المنبه و هو يرن ليعْلمني ببداية يومٍ جديد، فهاقد انقضت أيام العيد لتبدأ بعدها مباشرة أيام العمل، و تمضي الأيام مسرعة و عقارب الساعة تدور و تدور بلا توقف، و الوقت يمضي فلا نستطيع فعل شيء لإيقافه، و قد قرأت الكثير عن الوقت في كتب تطوير الذات، و مما قرأت أن اليوم أربع و عشرون ساعة لا تزيد و لا تنقص و هو نفس عدد الساعات التي يملكها كل الناس الغني منهم و الفقير و لا يمكن تغيير هذا العدد بينما يكمن الفرق بين الناس في استغلال هذا الوقت! نعم لقد قرأنا الكثير من هذا الكلام في كتب تطوير الذات تلك الكتب التي تحثنا على الإستفادة القصوى من الوقت، و لكني أرى أبعاداً أخرى للوقت، فالوقت بالنسبة للشاب غير الوقت بالنسبة للشيخ الكبير و كذلك الوقت بالنسبة للشخص الذي يتمتع بالصحة غير الوقت بالنسبة للمريض، فالمريض يعيش حالة انتظار، ينتظر شفاءه من مرضه و الانتظار من أشد ما يفسد الوقت، نعم، الانتظار يجلب التعاسة إذا طال.

لا نستطيع إيقاف الزمن كما لا نستطيع الرجوع بالزمن إلى الوراء. كم من لحظات جميلة تمنينا لو أن الزمن يعود بنا إلى الوراء لنعيشها مرةً أخرى، كم من موقف صعب تمنينا لو أننا كنا قد تصرفنا حياله بطريقة أخرى، الماضي قد انتهى و لم يبقى منه غير الذكرى كما أن العيد قد انتهى، نعم لو عاد بنا الزمن لكنا ربما تعاملنا مع اللحظات و المواقف بطريقة أفضل و ذلك نتيجة الخبرة التي اكتسبناها بعد مرور الزمن، إذاً لو عاد بنا الزمن إلى الوراء سنتصرف بشكل أفضل فيما لو احتفظنا بالحكمة التي اكتسبناها بعد مرور الزمن أما إذا كان رجوعنا إلى الوراء بمعزل عن تلك الحكمة فلا أظن أننا سنصنع فارقاً،

يتمنى الظالم لو يعود إلى الوراء فيتجنب الوقوع في الظلم و ذلك حين يرى عقوبة ظلمه، لعلي أجزم بأن كثيراً من الناس يتمنون العودة في الزمن إلى الوراء، الشخص الطاعن في السن يتمنى العودة إلى زمن الشباب، المريض يتمنى العودة إلى زمن الصحة، لكن البعض سعيدٌ في اللحظة الحالية و راضٍ عن سير الوقت و دوران عقارب الساعة، يعيش لحظته بأمل و سعادة، لا يعيش الماضي و لا ينتظر المستقبل، إنهم أناس ملكوا الحكمة فأصبحوا يعيشون وفقاً لتصورهم و فكرهم و هو ما علينا التحلي به، أن نعيش اللحظة بحكمة دون التحسر على الماضي و لا انتظار المستقبل، نعم نأخذ من ماضينا العبر و ندّخر لمستقبلنا و لكننا لا نعيش الماضي ولا المستقبل بل نعيش الحاضر، لا نتحسر عند غروب الشمس و لا نحزن بسبب انقضاء الوقت، تمر بنا الأيام و الليالي و نحن بين سعادة و أمل لا نرهق فكرنا بالحسرة على ما فات و لا بالقلق مما هو آتٍ، فإن استطعنا التعامل مع عقارب الساعة بهذه الصورة نكون قد حققنا أساساً هاماً من أسس السعادة في حياتنا.

تعليقات